الأسواق الصاعدة والأسواق الهابطة: ما هي؟ وكيف أميّزها؟ | إنفستسكاي الشرق الأوسط
الأسواق الصاعدة والأسواق الهابطة: ما هي؟ وكيف أميّزها؟ | إنفستسكاي الشرق الأوسط
الأسواق الصاعدة والأسواق الهابطة: ما هي؟ وكيف أميّزها؟
يمرّ السوق المالي بعدة مراحل اقتصادية من بينها مرحلتي "السوق الصاعدة" و"السوق الهابطة". لذلك، في هذا المقال سنشرح لك ما هي "السوق الصاعدة" وما هي "السوق الهابطة" وكيف تميّز بينهما من خلال أمثلة واقعية.
- السوق الصاعدة أو الـbull market
يقصد بالسوق الصاعدة أو الـ bull market، صعود الأسواق المالية والذي يدلّ على ظروف اقتصادية جيّدة وارتفاع قيمة الأسهم فيها.
ويدخل السوق في هذه المرحلة عند ارتفاع أسعار الأسهم بقيمة 20%، وذلك، بعد انخفاضها بقيمة 20% لمرتين على التوالي.
- أمثلة تاريخية
ثلاث فترات أساسية، شهدت خلالها الأسواق المالية مرحلة السوق الصاعدة هي:
- مرحلة التعافي من الكساد الكبير (1932-1937)
عانت الأسواق المالية لسنوات حتّى تعافت من الكساد الكبير، الأزمة الاقتصادية الأكبر في تاريخ أمريكا التي حصلت بين العامين 1929 و1931.
حيث انخفض مؤشر الأسعار المركبة، خلال هذه الأزمة بنسبة 86% بين سبتمبر 1929 ويونيو 1932، وتبع ذلك الانحدار مكاسب بنسبة 325% على مدى السنوات الخمس التالية، وهنا دخل السوق في مرحلة الـ bull market.
حصل ذلك بعد صفقة الدعم الذي أطلقها الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفيلت، وتضمنت برامج إنفاق حكومي هائلة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد والحفاظ عليه.
لكن لم يحسن روزفلت إدارة هذه البرامج حيث تراجع عنها بعد أربع سنوات فقط من إطلاقها وخفّض الإنفاق لتحقيق التوازن في الميزانية.
في الوقت ذاته، قام الاحتياطي الفيدرالي بتشديد نسب الاحتياطي للبنوك. لم يكن الاقتصاد قد تعافى تماماً من الكساد الكبير، حيث أدّت السياسة النقدية والمالية الأكثر تشديداً إلى الدخول في مرحلة ركود مزدوج أطلق عليه اسم "ركود روزفلت".
وفي السنوات القريبة، شهدت الأسواق المالية أيضاً مرحلة الـ bull market مرتين وهما:
- فقاعة الإسكان (2002-2007)
هذه المرحلة من الـ bull market أدّت إلى حصول انهيار في أواخر العقد المذكور (أواخر الأعوام 2000).
مدعوماً بأسعار الفائدة المنخفضة من الاحتياطي الفيدرالي بقيادة جرينسبان، تميزت هذه الفترة (تحديداً بين العام 2002 والعام 2007) بالرافعة المالية المفرطة. حيث شجّعت الرهون العقارية المزيد من الأمريكيين لشراء منازل في كثير من الأحيان من دون دفعة أولى حتّى وبأسعار "مغرية" قصيرة الأجل. أدّى ذلك إلى ارتفاع سوق العقارات الذي رفع قيمة المساكن ودفع الأمريكيين إلى الإنفاق بقوة.
كذلك، ارتفعت الأسهم في السوق بنسبة 102% بين أكتوبر الـ 2002 والـ 2007.
إلّا أنّ هذا الارتفاع لم يدم طويلاً، حيث قامت وول ستريت برهانات محفوفة بالمخاطر أدّت في النهاية إلى نتائج عكسيّة.
عندما بدأت أسعار المنازل بالانخفاض، تخلّف المقترضون عن السداد بشكل جماعي.
وتكبّدت البنوك الاستثمارية مثل Bear Stearns و Lehman Brothers، التي امتلكت بعضاً من ديون الرهن العقاري، خسائر فادحة وانهارت.
لحق ذلك، أزمة مالية كبيرة صنفت بـ"الأعمق" بعد الكساد الكبير، حيث انخفض مؤشر S&P 500 بنسبة 57 % تقريبًا بين أكتوبر الـ 2007 ومارس الـ 2009.
- التعافي الطويل والبطيء (2009-2019)
يصنف من أطول مراحل الـ bull market التي شهدها السوق الأمريكي بعد الركود الاقتصادي الذي حصل في العام 2008.
حيث امتدّ ازدهار السوق لأكثر من عقد من الزمان، مدفوعاً بمزيج من النمو الاقتصادي البطيء ولكن الثابت، أرباح الشركات القياسية، وأسعار الفائدة المنخفضة القياسية.
وقفز السوق خلال الـ bull market حوالي أربعة أضعاف مستواه خلال الأزمة.
تخلّل هذا الارتفاع الذي سجل أرقاماً قياسيّة صعوداً في صناعة التكنولوجيا مع انضمام كلّ من Apple وAmazon وGoogle إلى Microsoft باعتبارها الشركات الأكثر قيمة في أمريكا.
- السوق الهابطة أو الـBear Market
يحصل الـ Bear Market عندما يتراجع الاقتصاد العام، فتنخفض الأسعار في الأسواق المالية، وتحديداً عندما تنخفض أسعار الأسهم في السوق بقيمة 20% من أعلى مستوياتها.
- أمثلة تاريخية
سنتحدث عن أسوأ فترات مرّ خلالهما السوق الأمريكي في مرحلة السوق الهابطة واللتين كانتا على صلة وثيقة بالرّكود والتراجع الاقتصادي.
- انهيار سوق الأسهم (1929)
كان انهيار سوق الأسهم في العام 1929، الحدث الرئيسي الذي أدّى إلى الدخول في مرحلة السوق الهابطة أو الـ Bear Market والذي أدّى إلى انخفاض قيمة مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 89% على مدى ثلاث سنوات تقريباً.
أدّت التكهنات المنتشرة آنذاك، إلى خلق فقاعة تقييم كبيرة، أدّت بدورها إلى الدخول في مرحلة الكساد الكبير، الذي نتج عن أمرين أساسيين هما:
- قانون Smoot-Hawley للتعرفة:
هو القانون الذي نفّذ سياسات التجارة الحمائية في الولايات المتحدة ورفع الرسوم الجمركية الأمريكية على أكثر من 20,000 سلعة مستوردة، والتي اعتبرت ثاني أعلى رسوم جمركية في تاريخ الولايات المتحدة بعد التعرفة التي فرضت في العام 1828.
- قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي لكبح المضاربة بسياسة نقدية تقييدية، مما أدى إلى تفاقم عمليات البيع في سوق الأسهم.
- مرحلة الـ Bear Market بين الـ 2007 والـ 2009
استمرّ الـ Bear Market هذه المرة حوالي سنة وثلاثة أشهر حيث انخفض مؤشر S&P 500 بنسبة 51.9%.
ودخل الاقتصاد الأمريكي في العام 2007 في مرحلة ركود، ترافقت مع أزمة متنامية في الرهون العقارية، ناتجة عن تزايد أعداد المقترضين غير القادرين على الوفاء بالتزاماتهم. هذا الأمر أدّى إلى تفاقم الأزمة بحلول سبتمبر الـ 2008، حيث أصبحت المؤسسات المالية ذات الأهمية النظامية (SIFIs) في جميع أنحاء العالم معرّضة لخطر الإفلاس.
في السياق، تمّ تجنّب الانهيار الكامل في النظام المالي العالمي والاقتصاد العالمي في العام 2008 عبر تدخلات غير مسبوقة من قبل البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم.
وأدّى ضخّ السيولة الكبير في النظام المالي، من خلال عملية تسمى "التيسير الكمي (QE)"، إلى دعم الاقتصاد العالمي وأسعار الأصول المالية مثل الأسهم عن طريق خفض أسعار الفائدة.
- السوق الهابطة في ظلّ كورونا (2020)
في 11 مارس 2020، دخل مؤشر داو جونز الصناعي (DJIA) مرحلة الـ Bear Market لأول مرة منذ 11 عاماً، حيث انخفض من أعلى مستوياته على الإطلاق حيث كان 30,000 إلى أقل من 19000 بعد بضعة أيّام فقط، بسبب الآثار الاقتصادية لجائحة COVID- 19.
تبع مؤشر داو جونز الصناعي (DJIA)، مؤشرا S&P 500 وناسداك وذلك بعد فترة قصيرة.
بعد ذلك، انتعشت الأسواق خلال العامين 2020 و2021 مع انتشار التفاؤل بشأن لقاحات الـ COVID- 19 وبذلك، بدأ الاقتصاد العالمي بالانتعاش. ولكن ظهور حالات جديدة من COVID-19 كانت كفيلة بالاقتراب من الـ Bear Market، حتّى لو كان الاقتصاد سليماً.
- هل يمكن توقّع هاتين المرحلتين؟
الجواب هو لا، حيث أنّه من الصعب جدّاً توقع هاتين المرحلتين ولا يمكن ملاحظتهما إلّا بعد الدخول بهما فعلياً، لذلك، كمستثمر عليك دراسة وضع السوق والشركات جيّداً قبل اختيار الأسهم التي تريد الاستثمار فيها.